للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبداية نبين هذه الواقعة، ثم نذكر كيف تصرف فيها الأنصار:

عن جابر - رضي الله عنه - يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أنصَارِيًّا، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ؟ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ" وَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ الله هَذَا الْخَبِيثَ - لِعَبْدِ الله -، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ". (١)

فقوله "دعوها إنها خبيثة، أي دعوي الجاهلية". (٢)

وهي قولهم - ياللأنصار، ياللمهاجرين - وبعد أن نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى الأمر بالنسبة للمهاجرين والأنصار. وبقيت كلمة المنافق الذي عرض ولده على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيه برأس أبيه بعد قول هذه المقالة. فأين هذا من قوله إن الأنصار انتقموا من المهاجرين فأشاعوا حديث الإفك نتيجة هذا الحادث الذي انتهي بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "دعوها".

ثانيًا: مكانة الأنصار التي بوأها الله تعالى لهم تدل على أنهم يستحيل أن يفكروا في مثل ما دار في خاطر هذا الكاتب الذي يصطنع القمامة ليسكن فيها؛ لأنه يأبي أن يعيش نزيهًا.

ومن فضائلهم ما يلي:

١ - قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: ٩). ولا خلاف أن الذين تبوءوا الدارهم الأنصار الذين


(١) البخاري (٣٣٣٠).
(٢) فتح الباري (٦/ ٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>