هذا هو نفس حالها في الديانتين اليهودية، والنصرانية.
وإذا كان الحق المطابق لإنسانية المرأة يقتضي تقرير هذه الحقوق لها، فهل من الحق والعدل اطراد هذا الأصل متجاهلًا أنوثتها، إن تجاهل فارق النوع ظلم ينتهي إلى تفريط، يعود على المرأة نفسها بالظلم، وعلى المجتمع بالفساد، من حيث زعمنا الرغبة في الصلاح والإنصاف.
[الوجه الثاني: ليست المساواة في كل الأحيان من العدالة.]
يقول الشيخ محمد أبو زهرة:
ليست المساواة دائمًا هي العدالة، بل المساواة في كثير من الأحيان هي الظلم المبين والصراح، فالمساواة إذا لم تلاحظ فيها الطبيعة لكل عمل، ومن يكون له أهلًا، ومن لا يكون له أهلًا تكون ظالمة. فهل يتساوى ذو المرة القوى في ميدان الجهاد مع الضعيف في بدنه. . فكيف يدعون إلى المساواة من غير تفرقة بين نوع ونوع، إن الواجبات الأصلية والحقوق الأصلية للجميع متساوية؛ فحق حماية النفس للجميع على سواء، وحق الكرامة الإنسانية على سواء، وحق الحرية في دائرة الحق والواجب للجميع على سواء، أما الحقوق الأخرى كحق الوظائف، ونحوها فقد يكون فيها الظلم؛ لعدم النظر إلى الكفاية، وعدم النظر إلى الفطرة والطبيعة، وعدم النظر إلى التكوين الجسمي، وعدم النظر إلى تآلف المجتمع وتضافر أجزائه وتجميع عناصره مؤتلفة غير متدابرة فإن الجسم الهندسي السليم يقتضي في تكوينه أن يكون بعض أبعاده أطول من الآخر، وأن تكون عناصره متداخلة ولو كان يستعان به في بعضها أقل من العنصر الأخر، بل إن ذلك شأن كل مزيج مؤتلف حتى يكون المزيج النافع، ويكون ذا قوة فعالة، وذا كون قائم بذاته.
وكذلك المجتمع يتكون من رجل وأنثي، ولا يمكن أن يكون منهما شكل هندسي، ومزيج فعال إذا تساوت الأضلاع وتساوت مقادير العناصر، إنما يتكون ذلك المؤتلف إذا أخذ من كل بقدر ما يتم به التنسيق، ويتوافق فيه التأليف. لأن اللَّه تعالى لم يسوِ بينهما في أصل التكوين في الجسم والعاطفة والنوازع الإنسانية ولكن سوي فقط بين ما عليها من