قال ابن عباس وغيره: إن رجلين دخلا على داود أحدهما صاحب زرع والآخر صاحب غنم فقال صاحب الزرع إن غنم هذا دخلت زرعي ليلًا فوقعت فيه فأفسدته فلم تبق منه شيئًا فأعطاه رقاب الغنم بالزرع فخرجا فمرا على سليمان فقال: كيف قضى بينكما؟ فأخبراه، فقال سليمان لو رأيت أمركما لقضيت بغير هذا فأخبر بذلك داود فدعا سليمان واستفهم منه عن الأرفق بالفريقين، فقال: أدفع الغنم للمزارع ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها، ويزرع صاحب الغنم لصاحب الأرض مثل حرثه فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل دفع إلى صاحبه وأخذ صاحب الغنم غنمه، فقال داود: القضاء ما قضيت وكان عمر سليمان يوم حكم إحدى عشرة سنة. ولا يعقل أن سليمان كان يتعقب أحكام والده، ووالده من الرجال المدربين، هذا فضلا عما خصه الله به من الوحي الإلهي؟ وكيف يعجز عن الحكم في هذه القضية ويرضى بتغير الحكم أمام رعيته؟ ولكن هذا خلط أبشالوم بسليمان، جاء في (٢ صموئيل ١٥: ٦١) إن أبشالوم لما دبر للانقلاب الفاشل ضد والده، كان يستميل رجالى بني إسرائيل، ويقول من يجعلني قاضيًا في الأرض، لأنصف المظلوم؟ وكان يقبل ويكرم طرفي النزاع، فاستمال الأفئدة وثار على والده.