للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، " (متى ٢٣/ ٣٤)، فالمسيح نسب إلى نفسه إرسال أنبياء وحكماء وكتبة.

لكن لوقا يخالفه، فيذكر أن المسيح نسب القول إلى حكمة الله، لا إلى نفسه، فيقول: "لِذلِكَ أيضًا قَالتْ حِكْمَةُ الله: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ انبِيَاءَ وَرُسُلًا، فَيمتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ" (لوقا ١/ ٤٩).

[فصل: اعترافات بالتلاعب في الأناجيل]

أمام وضوح الحقيقة لا يجد المفسر (جون فنتون) مفسر إنجيل متى من سبيل إلا يعترف بهذا التطوير للروايات، ويحاول تبريره فيقول: "لقد حدث تحوير ملحوظ في مخطوطات (الأناجيل)، وذلك في المواضع التي ذكرت فيها ألقاب الرب" (يسوع) (١).

فهو يعترف بوقوع التحريف، لكنه يتهم نساخ المخطوطات، ويبرئ متى الكاتب.

والصحيح أن التلاعب بالنص يرجع إلى كُتاب الأناجيل، وليس نساخ المخطوطات، إذ أن الزيادة تطرِد دائمًا في متى عما في مرقس، ولو كان الخلل في المخطوطات لما اطردت الزيادة في متى دائمًا.

وقد صدق العلامة كيز مان حين قال: "إن لوقا ومتى قد قاما بتغيير نص مرقس الذي كان بحوزتهما مائة مرة عن عمدٍ لأسباب عقائدية" (٢).

[ثالثا: تحريف الإنجيليين في نقلهم من المصادر التوراتية]

وكذا وقع كتاب العهد الجديد في تحريف الأسفار التوراتية وهم ينقلون عنها، ليكون صورة أخرى من صور التحريف.

١ - فقد وقع به بولس وهو ينقل عن مزامير داود، يقول بولس: "لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالمِ يَقُولُ: "ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا. ٦ بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ ... " (عبرانيين ١٠/ ٤ - ٦).

وقد نقل بولس النص عن المزامير، وحرفه، ففي المزامير "٦ بِذَبِيحَةٍ وَتَقْدِمَةٍ لم تُسَرَّ. أُذُنَيَّ


(١) المسيح في مصادر العقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب (٩٥ - ٩٧).
(٢) انظر: عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية، حسني الأطير (٢٠٨)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (١٤١ - ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>