ولا يفوتنا هنا التنبيه على أن لوقا جعل القصة قبل دخول المسيح إلى أريحا فقال: "وَلمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِسًا علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي." (لوقا ١٨/ ٣٥)، فهل شفى المسيح الأعمى قبل دخوله أريحا أم بعد خروجه منها؟ !
٦ - ومثله تلاعب الإنجيليين بكلام المسيح، وهم ينقلون قوله لتلاميذه، فقد قال لهم -حسب لوقا-: "أنتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلَائِكَةِ الله. وَمَنْ أَنْكَرَني قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلَائِكَةِ الله." (لوقا ١٢/ ٧ - ٩)، فقد جعل لوقا اعتراف المسيح وإنكاره قدام ملائكة الله.
وهو بذلك يخالف متى الذي جعل إنكار المسيح واعترافه قدام الله، لا الملائكة، فقد نسب إلى المسيح قوله: "أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أيضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أيضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ." (متى " ١/ ٣١ - ٣٣)، فأيهما هو قول المسيح؟ ! وماذا عن الآخر؟ .
٧ - ومن صور التلاعب بالنصوص والتصرف فيها ما صنعه متى ولوقا في كلام المسيح في وليمة الفريسي، ففي إنجيل متى أن المسيح قال: " ٣٤ لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ