للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل أن يمهرها؛ أسوة أمثاها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء؛ فقد وسع اللَّه عز وجل، وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة. وتارة لا يكون للرجل فيها رغبة لِدَمَامَتِهَا عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه اللَّه عز وجل أن يُعضِلها عن الأزواج خشية أن يَشْركوه في ماله الذي بينه وبينها. (١)

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي اللَّه عنها في قوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ هُوَ وَليُّهَا وَوَارِثُهَا فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعَذْق (٢)، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلُهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. (٣)

[الرد على الشبهة في الآية الثالثة]

أما قوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} (آل عمران: ١٤) فالمعنى الصحيح ما قاله المفسرون:

قال الشيخ محمد رشيد: الشهوات جمع شهوة؛ وهي انفعال النفس بالشعور بالحاجة إلى ما تستلذه، والمراد هنا المشتهيات على طريق المبالغة، وهي شائعة الاستعمال، يقال هذا الطعام شهوة فلان؛ أي مشتهاه. (٤)

قال الشوكاني: والشهوات جمع شهوة، وهي نزوع النفس إلى ما تريده، والمراد هنا: المشتهيات؛ عبر عنها بالشهوات؛ مبالغة في كونها مرغوبًا فيها، أو تحقيرًا لها؛ لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية. (٥)


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٧٧١).
(٢) العذق: قال ابن حجر في الفتح (٨/ ٨٧) بفتح الأول وسكون الثاني النخلة.
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٢٤، ٤٩٧٣، ٤٥٧٤)، مسلم (٣٠١٨).
(٤) تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا (٣/ ٢٣٨).
(٥) فتح القدير للشوكاني (١/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>