للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن باز: "لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنًا، ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم؛ بل يحالون للحكم الشرعي، هذه مسائل يحكمها الحكم الشرعي" (١).

[٢ - دعوتهم إلى الإسلام وبيان أحكامه بعلم وحكمة وأسلوب حسن]

فمن خصائص هذا الدين أنه عالمي الرسالة، ليس مقصورًا على قوم أو بلد أو زمان، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بِي أحد من هذه الأمّة؛ يهوديّ ولا نصرانِيّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلَّا كان من أصحاب النار" (٢).

قال النووي: "فيه نسخ الملل كلها برسالة نبينا -صلى الله عليه وسلم-" (٣).

إن من سماحة هذا الدين أنه أذن لغير أهله من أهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين أن يعيشوا في أرضه مع بقائهم على دينهم وعدم إكراههم على الإسلام، ولم يخل عصر من العصور من وجود غير المسلمين داخل المجتمع المسلم، يعيشون بين المسلمين، وينعمون بالأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ولا يعني بقاؤهم داخل المجتمع المسلم بأي وجه من الوجوه الرضا بما هم عليه من الكفر بالله، فإن الله -تعالى- لا يرضى لعباده الكفر، وإنما أذن الشارع لهم بالبقاء لحكم عديدة منها:

- أن يخالطوا المسلمين ويتأملوا في محاسن الإسلام وشرائعه وينظروا فيها، فيجدوها مؤسسة على ما تحتمله العقول وتقبله، فيدعوهم ذلك إلى الإسلام، ويرغبهم فيه، فيدخلوا فيه، وهذا أحب إلى الله من قتلهم. والمقصود من ذلك أن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، وعدم اختلاطهم بالمسلمين يفوت هذه المصلحة، وهي معرفتهم بالإسلام.


(١) مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري ٢٩.
(٢) رواه مسلم ٢/ ١٨٦.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>