للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَير طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَأنا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَأَشَارَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِإِصْبَعِهِ إِلَى صَدْره: "أَلَا وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ رِيحَ الجْنَّةِ، وَإِنْ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرة سَبْعِينَ خَرِيفًا". (١).

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا" رواه البخاري. (٢).

وصور تطبيق هذه التعاليم والأحكام في تاريخ المسلمين كثيرة ومتنوعة، فقد كان عمر -رضي الله عنه- يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة والمعاهدين، خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له: "ما نعلم إلا وفاء" أي: وفاء بمقتضى العقد والعهد الذي بينهم وبين المسلمين (٣).

ودخل ذمِّيٌّ من أهل حمص أبيض الرأس واللحية على عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله. قال عمر: ما ذاك؟ قال: العبّاس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي. وكان عددٌ من رؤوس النّاس، وفيهم العباس بمجلس عمر، فسأله: يا عبّاس ما تقول؟ قال: نعم، أقطعنيها أبِي أمير المؤمنين، وكتب لي بِها سجلًا. فقال عمر: ما تقول يا ذمّيّ؟ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله تعالى. فقال عمر: نعم، كتاب الله أحقّ أن يتبع من كتاب الوليد، قم فاردد عليه ضيعته يا عبّاس (٤).

قال ابن القيم رحمه الله: "أحكام المستأمن والحربي مختلفة؛ لأن المستأمن يحرم قتله، وتضمن نفسه ويقطع بسرقة ماله، والحربي بخلافه" (٥).


(١) رواه البيهقي في سننه ٩/ ٢٠٥.
(٢) رواه البخاري (٣١٦٦).
(٣) تاريخ الأمم والملوك ٤/ ٢١٨.
(٤) صفة الصفوة ٢/ ١١٥.
(٥) أحكام أهل الذمة ٢/ ٧٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>