للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء يقولون: هذا الذي ذكرناه أكمل في صفة الغني عما سواه، والقدرة على كل شيء مما يقوله النفاة، فإن أولئك يقولون: لا يقدر أن يتصرف بنفسه، ولا يقدر أن ينزل ولا يصعد ولا يأتي ولا يجيء، ولا يقدر أن يخلق في عباده قوة يحملون بها عرشه الذي هو عليه، ويكونون إنما حملوه وهو فوق عرشه بقوته.

ولولا ذلك ما استقل به العرش ولا الحملة ولا السماوات ولا الأرض ولا من فيهن، ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته؛ فكيف على عرش عظيم أكبر من السماوات والأرض، وكيف تنكر أيها النفاج أن عرشه يقله والعرش أكبر من السماوات السبع والأرضين السبع؟ ! !

ولو كان العرش في السماوات والأرضيين ما وسعته؛ ولكنه فوق السماء السابعة فكيف تنكر هذا؟ ! وأنت تزعم أن الله في الأرض في جميع أمكنتها؟ ! ! ، والأرض دون العرش في العظمة والسعة، فكيف تقله الأرض في دعواك ولا يقله العرش الذي هو أعظم منها وأوسع؟ ! !

وأدخل هذا القياس الذي أدخلت علينا في عظم العرش وصغره وكبره على نفسك وعلى أصحابك في الأرض وصغرها؛ حتى تستدل على جهلك، وتفطن لما يورد عليك حصائد لسانك، فإنك لا تحتج بشيء إلا هو راجع عليك وآخذ بحلقك.

أفلا تدري أيها المعارض أن حملة العرش لم يحملوا العرش ومن عليه بقوتهم وبشدة أسرهم إلا بقوة الله. (١)

الوجه الثالث: القرآن يوجب أن لله عرشًا يُحْمَل.

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر: ٧]. وقوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧)} [الحاقة: ١٧].


(١) بيان تلبيس الجهمية ١/ ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>