للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: الثابت عن علي أنه أنكر على من أباحها وقد روى ما يدل على تحريمها.]

الثابت الذي لا يقبل الشك أن عليًا -رضي اللَّه عنه- كان النكر الأول على من استحل المتعة، وإنكاره على ابن عمه (حبر الأمة) معروف.

عَنْ عَليٍّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي اللَّه عنه- يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ: مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَإِنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية (١).

وفي رواية: سمع علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- يقول لفلان: إنك رجل تائه، نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (أي متعة النساء).

الشبهة الثالثة: قالوا: إن جابر بن عبد اللَّه كان يرى إباحتها وأنكر على عمر تحريمه للمتعة. وقالوا: لو كان هناك نهى من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما غاب عن الصحابة الذين تمتعوا في عهد أبي بكر وشطر من عهد عمر نفسه، وهذا ينفي نسخها في عهد الرسول وإلا كان الخليفة الأول محللًا لما حرم اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-

وهم يستدلون على ذلك بالآتي:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَا: كُنَّا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ "إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا (٢).

وعن أَبُي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّه يَقُولُ: كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ في شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. (٣)

والجواب عليه من هذه الوجوه:

الوجه الأول: نقول متى أنكر جابر على عمر؟ وهذه الأحاديث عن جابر إنما يحكي عن واقع كان كما هو شأن من يخبر عن أي خبر كان، ولا يوجد في واحد منها أنه عارضه أو أنكر عليه


(١) أخرجه مسلم (١٤٠٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥١١٧)، ومسلم (١٤٠٥).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>