حيث إنها امرأة؟ بل هل يتسنى، حتى مع شيء من التّحمل، الجنوح إلى هذا التفسير الذي تقف منه هذه النصوص القرآنية التي أوردناها، موقف النقيض من النقيض؟ ! .
فمصدر هذه القوامة لا يتمثل في أفضلية ذات الرجل عند اللَّه على ذات المرأة، وإنما مصدرها الأفضلية المصلحية الآتية من توافق إمكانات الرجل ووظيفته الإنفاقية، مع ما تحتاج إليه الأسرة في مجال الرعاية والسهر على مصالحها الخطيرة. كما أن إسناد مهام رعاية الطفولة المتمثلة في الحضانة والرضاعة وجزء كبير تستقل به المرأة عن الرجل في التربية، ليس مصدره أفضلية ذاتية للمرأة على الرجل، وإنما مصدرها الأفضلية المصلحية ذاتها التي تتجلى في توافق إمكانات المرأة مع هذه المهام.
بل ربَّ رجل أسندت إليه مهامُّ هذه القوامة، وهو من أفسق الناس وأبعدهم عن رضا اللَّه -عزَّ وجلَّ-، ورب امرأة عاشت في ظل هذه القوامة، وهي من أفضل الناس صلاحًا وأسماهم مكانة عند اللَّه.
والذين أدركوا معنى النظام وقيمته في الحياة الإنسانية، ونُشِّئوا في ظلال النظام يعلمون هذه الحقيقة، ويتعاملون مع مؤيداتها في سائر تقلبات الحياة.
وفي إيجاز شديد نقول لهؤلاء:
إن القوامة للزوج على زوجته في ظل نظام الزواج الإسلامي ليست تسلطًا ولا اعتسافًا، وإنما هي أسلوب رشيد في الإدارة والتوجيه، ولو تجاوز أحد الأزواج هذا الأسلوب فتسلط واعتسف لكان مخالفًا لمنهج الإسلام ومفتاتًا على حق الزوجة وعاصيًا للَّه سبحانه، إذ لا يحق له أن يظلم أو يجور؛ لأن اللَّه سبحانه حرم ذلك على الناس جميعًا كما حرمه على نفسه.
[الوجه الخامس: المرأة العاقلة لا يسعدها أن تتساوى مع الرجل في القوامة.]
شواهد الحياة كلها تدل -عند التحقق- على أنه قد لا يسعد المرأة سعادة حقيقية أن تتساوى بالرجل في كل شيء، بل إنني لأقول -عن تجربة ومشاهدة-: إن سعادتها الحقيقية تكمن في أن تراعي وجوه اختلافها عن الرجل فسيكولوجيا، وبيولوجيًا، وفسيولوجيًا، ولا تكمن في أي خروج على هذه الأوجه، أو تجاهل لها. وأشير إشارات سريعة -