ففهم الأفضلية الذاتية للرجال على النساء، مما يتناقض بشكل حاد مع صريح كتاب اللَّه في نصوص كثيرةٍ منه، فاللَّه -عزَّ وجلَّ- يقرر ويؤكد أن النساء والرجال متساوون في ميزان القرب من اللَّه، وإنما يفاوت بين درجاتهم في ذلك تفاوت أعمالهم الصالحة التي يقومون بها ابتغاء مرضاة اللَّه -عزَّ وجلَّ-، فهو -عزَّ وجلَّ- يقول:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}(آل عمران: ١٩٥).
ثم إنَّ البيان الإلهي يعود فيزيد هذه الحقيقة تأكيدًا، إذ يبرزها فيما يشبه الصياغة المحددة القانونية، فيقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} (الحجرات: ١٣). قد أسقط قرار اللَّه -عزَّ وجلَّ- فوارق الذكورة والأنوثة واختلاف الأقوام والقبائل وتمايز ما بين الشعوب المتنوعة، عن الاعتبار في ميزان القرب إلى اللَّه أو البعد عنه، بعبارة محددة حاسمة، بعد أن أثبت هذه الحقيقة ذاتها بأساليب متنوعة شتى في الآيات السابقة.
فهل من الممكن بعد هذا، تفسير الأفضلية في قوله -عزَّ وجلَّ-، في آية القوامة {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(النساء: ٣٤) أي: بأفضلية الرجل من حيث إنه رجل على المرأة من