للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "قواريرا" يعني إذا قرئ منونا، لا إذا وقف عليه بالألف؛ لأن الألف حينئذ كما تحتمل أن تكون بدلا من التنوين تحتمل أن تكون للإطلاق. (١)

[الوجه الثالث: توجيه مجىء التنوين من عدمه.]

[توجيه أهل القراءات]

قال ابن خالويه: قوله تعالى: (سَلَسِلَا) يقرأ بالتنوين وتركه، فالحجة لمن نون أنه شاكل به ما قبله من رؤوس الآي؛ لأنها بالألف وإن لم تكن رأس آية ووقف عليهما بالألف.

والحجة لمن ترك التنوين قال: هي على وزن فعالل وهذا الوزن لا ينصرف إلا في ضرورة شاعر وليس في القرآن ضرورة، وكان أبو عمرو يتبع السواد في الوقف فيقف بالألف ويحذف عند الإدراج.

وقوله تعالى: {كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ} يقرآن معًا بالتنوين وبالألف في الوقف، وبطرح التنوين فيهما والوقف على الأول وعلى الثاني بغير ألف، إلا ما روي عن حمزة أنه كان يقف عليهما بغير ألف.

فالحجة لمن قرأهما بالتنوين أنه نوَّن الأولى؛ لأنها رأس آية وكتابتها في السواد بألف وأتبعها الثانية لفظا؛ لقربها منها وكراهية للمخالفة بينهما وهما سيان كما قال الكسائي في ققوله {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (٦٨)} فصرف الثاني لقربه من الأول.

والحجة لمن ترك التنوين أنه أتى بمحض قياس العربية؛ لأنه في سورة الإنسان على وزن فواعيل وهذا الوزن نهاية الجمع المخالف لبناء الواحد فهذا ثقل وهو مع ذلك جمع، والجمع فيه ثقل ثان فلما اجتمع فيه ثقلان منعاه من الصرف، فأما الوقف عليه في هذه القراءة بالألف فاتباع للخط، ولأن من العرب مَن يقول: رأيت عمرا فيقف على ما لا


(١) شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين ١/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>