للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل عليه قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [المجادلة: ١٣] (١).

الوجه الثاني: الإجماع على أنها منسوخة. (٢)

الوجه الثالث: بيان معنى الآية.

قال ابن كثير: قول تعالى آمرًا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: يساره فيما بينه وبينه، أن يقدم بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لأن يصلح لهذا المقام؛ ولهذا قال: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ}، ثم قال: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أي: إلا من عجز عن ذلك لفقده {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فما أمر بها إلا من قدر عليها.

ثم قال: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} أي: أخِفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول، {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، فنسخ وجوب ذلك عنهم (٣).

قال الشوكاني: وليس في الآية ما يدلّ على تقصير المؤمنين في امتثال هذا الأمر، أما الفقراء منهم فالأمر واضح، وأما من عداهم من المؤمنين، فإنهم لم يكلفوا بالمناجاة حتى تجب عليهم الصدقة بل أمروا بالصدقة إذا أرادوا المناجاة فمن ترك المناجاة، فلا يكون مقصرًا في امتثال الأمر بالصدقة، على أن في الآية ما يدل على أن الأمر للندب (٤).

الوجه الرابع: بيان الفائدة من هذا التكليف.

هذا التكليف وهو الصدقة قبل مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له عدة فوائد منها:

١ - إعظام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإعظام مناجاته.


(١) تفسير الرازي (٣/ ٢٣٠)، النسخ في القرآن د. مصطفى زيد (١/ ٢٨٩).
(٢) الإبهاج في شرح المنهاج (٥/ ١٦٥٣).
(٣) تفسير ابن كثير (١٣/ ٤٦٢).
(٤) فتح القدير (٥/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>