للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ما تضمنه من الإخبار عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل: كقوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢)} [آل عمران: ١٢٢]، {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة: ٨]. (١)

٤ - ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة، ولم يكن ذلك من شأن العرب.

فإن هذا لا يقدر عليه البشر ولا سبيل لهم إليه

[الوجه الثاني والعشرون: الإعجاز التأثيري.]

لقد أشار القرآن نفسه إلى هذه الوجه من وجوه إعجازه حين سمى الله كتابه روحًا من أمره بقوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢]، وحين سماه نورًا بقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥]، وحين وصف بالحياة والنور من آمن به في قوله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢] وفي قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: ٩٧]، وفي قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤].

[تأثيره في أعدائه]

أما أعداؤه المشركون، فقد ثبت أنه جذبهم إليه بقوته في مظاهر كثيرة، نذكر بعضها على سبيل التمثيل:

المظهر الأول: أن هؤلاء المشركين مع حربهم له، ونفورهم مما جاء به، كانوا يخرجون في جنح الليل البهيم يستمعون إليه والمسلمون يرتلونه في بيوتهم. فهل ذاك إلا لأنه استولى على مشاعرهم، ولكن أبى عليهم عنادهم وكبرهم وكراهتهم للحق أن يؤمنوا به {بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠)} [المؤمنون: ٧٠]


(١) الإتقان في علوم القرآن (٢/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>