للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر باتباعه، ونصره ومؤازرته، قادكم ذلك إلى الحق واتباع الخير في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: ١٥٧]. وقال تعالى: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨)} [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨] أي: إن كان ما وعدنا به من شأن محمد - صلى الله عليه وسلم - لواقعًا (١).

الوجه الثاني: قوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} هي رد على قول محذوف.

قال القرطبي في قوله تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}: فقالت اليهود والنصارى: نحن متقون، فقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: ١٥٧]. فخرجت الآية عن العموم (٢).

فكل يهودي على عهد موسى عليه السلام وما بعد عهده: إذا ادعى التقوى؛ فإن من لوازم تقواه أن يكون ممن يتبع الرسول النبي الأمي، حتى ولو ظهر هذا الرسول النبي الأمي في عهد موسى عليه السلام.

فكل يهودي صادق في عهد موسى عليه السلام كان يؤمن بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل إن موسى عليه السلام كان يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، إذن ورود الآية أثناء الحديث عن موسى وقومه ليس بإقحام.

فإذا قال قائل: نقول: لأن هذا كان أمر غيبي بالنسبة لموسى عليه السلام وقومه لا يدرون أيظهر هذا النبي الأمي في عهد موسى أم لا.

حتى ولو قيل أن موسى وقومه كانوا يعلمون بوقت ظهوره، فنقول: أنه مجرد الإيمان به هو أمر عقائدي قلبي بالنسبة لموسى وقومه، سوف يسألهم الله عنه يوم القيامة.

قال نوف البكالي الحميري: لما اختار موسى قومه سبعين رجلًا قال الله تعالى لموسى: أجعل لكم الأرض مسجدًا وطهورًا، تصلون حيث أدركتكم الصلاة، إلا عند مرحاض


(١) تفسير القرآن العظيم ١/ ٤٠٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>