وخلاصة الجواب عن هذه الشبهة أن معاوية بن أبي سفيان لم يقتل محمد بن أبي بكر، ولم يُمَثِّل به، وإنما قتله من قتله لأنه كان متهمًا عنده بدم عثمان، وقد قامت كل هذه الحروب لأجل القصاص من قتلة عثمان فلذلك قتلوه، وما نُسِبَ إلى عائشة كذب بيِّن.
الشبهة الثالثة: قتل معاوية لحُجْر بن عدي.
وذكروا فيه أن معاوية أمر بسب علي -رضي الله عنه- على المنابر، واعترض على ذلك حُجْرُ بن عدي، ولم يسب عليًّا، وأن حجر بن عدي أنكر على زياد بن أبيه إطالة الخطبة فبعث به إلى معاوية فقتله لهذين الأمرين.
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: بطلان أمر معاوية بسب علي على المنابر الذي جعلوه سببًا لاعتراض حجر بن عدي
وذلك عن طريق إيراد هذه الرواية بطولها؛ ليبدوَ ما في متنها من التعارض والنكارة، ثم الحكم عليها من جهة الإسناد.
عن أبي مخنفٍ قال: حدثنا خالد بن قطن، عن المجالد بن سعيد الهمداني، والصقعب بن زهير، وفضيل بن خديج، والحسن بن عقبة المرادي، وقد قال كلٌّ: قد حدثني بعضَ هذا الحديث، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث حجر بن عدي الكندي وأصحابه.
بداية القصة: إن معاوية بن أبي سفيان لما ولَّى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة إحدى وأربعين دعاه فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرةٍ فأنا تاركها اعتمادًا على بصرك بما يرضيني، ويسعد سلطاني ويصلح به رعيتي، ولست تاركًا إيصاءك بخصلة: لا تتحم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان، والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان- رضوان الله عليه- والإدناء لهم، والاستماع منهم، فقال المغيرة: قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذمم بي دفع، ولا رفع، ولا وضع فستبلوا فتحمد أو تذم، قال: بل نحمد إن شاء الله.