للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَزْوَاجِهِ} جمعًا، فقد أريد بها واحدة منهن، كما أراد لبيد من بعض النفوس نفسه هو، وهي واحدة، والقرآن نزل بلسان عربي مبين.

[الوجه الثاني: المغزى الروحي من هذه القصة.]

ولكي نعرف المغزى والإفادة من إفشاء هذا السر، لابد من التعريج على أغراض هذه السورة، والآيات الأول منها خاصةً:

- وهي أن أحدًا لا يُحَرِّم على نفسه ما أحل الله له لإرضاء أحد؛ إذ ليس ذلك بمصلحة له، ولا للذي يسترضيه.

- تنبيه نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن غيرة الله على نبيه أعظم من غيرتهن عليه، وأسمى مقصدًا.

- وأن الله يطلعه على ما يخصه من الحادثات.

- أن من حلف على يمينٍ فرأى حنثها خيرًا من برها أن يكفر عنها ويفعل الذي هو خير.

- تعليم الأزواج ألا يكثرن من مضايقة أزواجهن، فإنها ربما أدت إلى الملال فالكراهة فالفراق.

- موعظة الناس بتربية بعض الأهل بعضًا، ووعظ بعضهم بعضًا.

وأتبع ذلك بوصف عذاب الآخرة ونعيمها، وما يقضي إلى كليهما من أعمال الناس صالحاتها وسيئاتها، وذَيَّلَ ذلك بضرب مثلين من صالحات النساء، وضدهن لما في ذلك من العظة لنساء المؤمنين ولأمهاتهم. (١)

وقد تضمنت الآية عدة معان، منها:

- {بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} هي حفصة بنت عمر بن الخطاب، وعدل عن ذكر اسمها ترفعًا عن أن يكون القصد معرفة الأعيان، وإنما المراد العلم بمغزى القصة وما فيها مما يجتنب مثله أو يقتدى به، وكذلك طي تعيين المنبَّأة بالحديث وهي عائشة - وذكرت حفصة بعنوان بعض أزواجه للإِشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع سِرَّه في موضعه، لأن أولى الناس بمعرفة سرّ الرجل زوجهُ، وفي ذلك تعريض بملامها على إفشاء سرّه؛ لأن واجب المرأة أن تحفظ سرّ زوجها إذا أمرها بحفظه أو كان مثله مما يجب حفظه.


(١) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٨/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>