للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَلوَّةُ الأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الحورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا في السَّمَاءِ". (١)

[الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة.]

عن عبد الله بن عمرو قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ فُقَرَاءَ المهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا". (٢)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الجنّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمائَةِ عَامٍ". (٣)

قال ابن القيم: والذي في الصحيح أن سبقهم لهم بأربعين خريفًا فإما أن يكون هو المحفوظ، وإما أن يكون كلاهما محفوظًا وتختلف مدة السبق بحسب أحوال الفقراء والأغنياء، فمنهم من يسبق بأربعين، ومنهم من يسبق بخمسمائة، كما يتأخر مكث العصاة من الموحدين في النار بحسب أحوالهم والله أعلم.

ولكن ههنا أمر يجب التنبيه عليه وهو أنه لا يلزم من سبقهم لهم في الدخول ارتفاع منازلهم عليهم، بل قد يكون المتأخر أعلى منزلة وإن سبقه غيره في الدخول، والدليل على هذا أن من الأمة من يدخل الجنة بغير حساب وهم السبعون ألفا، وقد يكون بعض من يحاسب أفضل من أكثرهم. والغني إذا حوسب على غناه فوجد قد شكر الله تعالى فيه وتقرب إليه بأنواع البر والخير والصدقة والمعروف كان أعلى درجة من الفقير الذي سبقه في الدخول ولم يكن له تلك الأعمال ولا سيما إذا شاركه الغني في أعماله وزاد عليه فيها، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، فالمزية مزيتان: مزية سبق ومزية رفعة، وقد يجتمعان وينفردان فيحصل الواحد السبق والرفعة ويعدمهما آخر ويحصل لآخر السبق دون الرفعة


(١) البخاري (٣٣٢٧)، مسلم (٢٨٣٤).
(٢) مسلم (٢٩٧٩).
(٣) أحمد ٢/ ٣٤٣، والترمذي (٨٥٠٢)، وابن ماجه (٤١٢٢). وقال الألباني: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>