للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الرابع: كثرة الاختلاف في اسمه واسم أبيه ليس على حقيقته.]

إن الاختلاف في اسمه واسم أبيه إلى ثلاثين أو أربعين قولًا؛ ليس على حقيقته، بل هو ناشئ من وهم الرواة وتقديم لفظ على لفظ، والخلاف الحقيقي لا يتجاوز على الحقيقة ثلاثة أقوال. (١)

قال ابن حجر: مع أن بعضها وقع فيه تصحيف أو تحريف مثل بر، وبرير، ويزيد؛ والظاهر أنه تغيير من بعض الرواة، وكذا سكن وسكين، والظاهر أنه يرجع إلى واحد وكذا سعد وسعيد، ثم قال: وبعضها انقلب اسمه مع اسم أبيه؛ كما تقدم في قول من قال: عبد عمرو بن عبد غنم، وقيل: عبد غنم بن عبد عمرو، فعند التأمل لا تبلغ الأقوال عشرة خالصة ومزجها من جهة صحة النقل إلى ثلاثة عمير وعبد الله وعبد الرحمن. (٢)

الشبهة الثانية: قالوا: لم نعرف شيئًا عن نشأته ولا عن تاريخه قبل إسلامه:

والجواب على هذه الشبهة من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: هذه دعوى لا أصل لها.]

فقد تقدم أنه من قبيلة دوس، وهي قبيلة معروفة؛ ذات شرف ومكانة في القبائل العربية.

قال خليفة بن خياط: ومن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث، أبو هريرة. (٣)

[الوجه الثاني: العبرة بما بعد الإسلام.]

إن جمهور الصحابة إلا عددًا منهم لا يتجاوز العشرات لم يعرف شيء عنهم في جاهليتهم قبل الإسلام؛ فلقد كان العرب كلهم مغمورين في جاهليتهم، محصورين في جزيرتهم، لا يهتمون بشؤون العالم، ولا يهتم العالم بشؤونهم؛ إلا ما يتصل بالتجارة التي كانت تمر قوافلها ببلادهم، فلما جاء الإسلام وشرفهم الله بحمل رسالته، أصبح لكل واحد منهم تاريخ يكتب، وشؤون يتحدث عنها، ورواة يتتبعون أخبارهم، وتلاميذ ينقلون عنهم العلم والهداية، ولماذا كانت جهالة تاريخه في الجاهلية تضر بمكانته، وتحط


(١) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (٣٢١).
(٢) الإصابة في معرفة الصحابة (٣/ ٤١٧).
(٣) طبقات خليفة بن خياط (١٩٢)، نهاية الأرب في معرفة الأنساب العرب للقلقشندي (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>