للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحَمَّدِيَّة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالنَهْي عَمَّا سِوَى ذَلِكَ. (١)

[الوجه الثالث: موقف العلماء من الإسرائيليات.]

اختلفت مواقف العلماء، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء:

أ - فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها، ورأي أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها، مثل ابن جرير الطبري رحمه الله.

ب - ومنهم من أكثر منها، وجردها من الأسانيد غالبا، فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن تفسيره: إنه مختصر من الثعلبي، لكنه صانه عن الأحاديث الموضوعية والآراء المبتدعة، وقال عن الثعلبي: إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع.

ج - ومنهم من ذكر كثيرًا منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير.

د - ومنهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرًا للقرآن كمحمد رشيد رضا (٢).

الواقع أنّ إيراد المفسّرين لأخبار أهل الكتاب - وهي المسمّاة بالإسرائيليّات - لم يكن يومًا لأخذ ما فيها من مفاهيم وأحكام ووجهات نظر. وإنّما كانت محاولة لسدّ الفجوات التاريخيّة الّتي كان يشعر المسلمون بوجودها. فالقرآن الكريم، وكذلك السنّة النبويّة لم يفصِّلا في تاريخ بدء الخليقة وأخبار الأمم السابقة، وإنّما اقتصرا على ما يحقّق غاية الهداية والتشريع، فكان لدى بعض المسلمين فضول في معرفة هذه التفاصيل، فلجئوا إلى أهل الكتاب يسمعون ما عندهم من أخبار، قد تكون صحيحة وقد تكون كاذبة، إلاّ أنّها في كلّ الأحوال ليست من الدين في شيء، وإنّما هي أخبار تاريخيّة فقط، ولا يضرّ المسلمين في شيء أن يصدّقوها أو يكذّبوها ما دامت لا تمسّ شيئًا من العقائد والأحكام الشرعيّة،


(١) فتح الباري (١٣/ ٣٥٤)، تفسير القرطبي (١٥/ ١٨٣)، مجموع فتاوى ابن تيمية (٢/ ٢٩٦)، الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة (١٥٠)، والتفسير والمفسرون (٤/ ٩)، مقدمة في التفسير للعثيمين (١/ ٤٨).
(٢) مقدمة في التفسير للعثيمين (١/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>