للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٨٢)}. [آل عمران: ٨١: ٨٢].

قال السعدي: يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد بسبب ما أعطاهم من كتاب الله المنزل، والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال، إنه إن بعث الله رسولًا مصدقًا لما معهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ويأخذوا ذلك على أممهم، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوجب الله عليهم أن يؤمن بعضهم ببعض، ويصدق بعضهم بعضا لأن جميع ما عندهم هو من عند الله، وكل ما من عند الله يجب التصديق به والإيمان، فهم كالشيء الواحد، فعلى هذا قد علم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتمهم، فكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أدركوه لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم، فهذه الآية الكريمة من أعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره، وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم - صلى الله عليه وسلم -.

ثم إن الله عزَّ وجلَّ لم يناده باسم في القرآن قط إجلالًا له وتعظيمًا، إلا إذا أخبر عنه فيسميه باسمه كقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ..... } [الفتح: ٢٩]، وأما عند النداء فيقول: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: ٤١]، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأحزاب: ٢٨]، على خلاف جميع الأنبياء قال: (يا آدم)، (يا موسى)، (يا عيسى)، فناداهم بأسمائهم، وليس هذا تقليلًا من شأنهم، بل رفعة لمكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم. (١)

الوجه السابع: كيف تقارنون بين المسيح عليه السَّلام والنبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ألستم تزعمون أنه إله؟ !

أنتم تقارنون بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المسيح عليه السَّلام فتقولون: لماذا لم يُصل الله من قبل على موسى وإبراهيم إذا كان الله يصلي، وكذلك على المسيح الذي قال عنه: إنه وجيهًا في الدنيا والآخرة؟ ، ألستم تزعمون أنه إله؟ ! فكيف تقارنون بينه وبين هؤلاء الأنبياء؟ ، أم إنه لم يصل على المسيح، وأما عن موسى وإبراهيم وغيرهما من الأنبياء؟ .


(١) تفسير السعدي (١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>