للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام في سبيل إصلاحاته وإخراجه البشر من ظلمات الجهل والجاهلية.

[الشبهة الخامسة.]

يقول المعترض: لماذا حد النساء بأربع وليس كذلك الإماء؟

[والجواب على هذه الشبهة.]

أن هذا من تمام نعمته وكمال شريعته وموافقتها للحكمة والرحمة والمصلحة، فإن النكاح يراد للوطء وقضاء الوطر ثم من الناس ما يغلب عليه سلطان هذه الشهوة؛ فلا تندفع حاجته بواحدة فأطلق له الثانية وثالثة ورابعة، وكان هذا العدد موافقًا لعدد طباعه وأركانه وعدد فصول سنته، ولرجوعه إلى الواحدة بعد صبر ثلاث عنها، والثلاث أول مراتب الجمع، وقد علق الشارع بها عدة أحكام، ورخص للمهاجر أن يقيم بمكة بعد أداء النسك ثلاثًا، وأباح للمرأة أن تحد على غير زوجها ثلاثًا، فَرَحِمَ الضرةَ بأن جعل غاية انقطاع زوجها عنها ثلاثًا ثم يعود؛ فهذا ملخص الرحمة والحكمة والمصلحة. وأما الإماء فلما كن بمنزلة سائر الأموال من الخيل والعبيد وغيرها لم يكن لقصر المالك على منهن أربع أو غيرها من العدد معنى، فكما ليس في حكمة اللَّه ورحمته أن يقصر السيد على أربعة عبيد أو أربع دواب وثياب ونحوها، فليس من حكمته أن يقصره على أربع إماء.

وأيضًا فللزوجة حق على الزوج اقتضاء عقد النكاح يجب على الزوج القيام به؛ فإن شاركها غيرها وجب عليه العدل بينهما، فقصر الأزواج على عدد يكون العدل فيه أقرب مما زاد عليه، ومع هذا فلا يستطيعون العدل ولو حرصوا عليه، ولا حق لإمائه عليه في ذلك؛ ولهذا لا يجب لهن قسم ولهذا قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} واللَّه أعلم. (١)

[الشبهة السادسة.]

وهو أن التعدد يلزمه الخصام والشغب الدائم المفضي إلى نكد الحياة؛ لأنه كلما أرضى إحدى الطرفين سخطت الأخرى، فهو بين سخطتين دائمًا، وأن هذا ليس من الحكمة؟


(١) إعلام الموقعين (٢/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>