وأما قول القائل: إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل؛ فليس كما قال، والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟ ، ولكن المرأة لفراغها وبطالتها يغمرها سلطان الشهوة ويستولي عليها ولا يجد عندها ما يعارضه، بل يصادف قلبًا فارغًا ونفسًا خالية فيتمكن منها كل التمكن فيظن الظان أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل وليس كذلك، ومما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع زوجته أمكنه أن يجامع غيرها في الحال.
وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وطاف سليمان على تسعين امرأة في ليلة؛ ومعلوم أن له عند كل امرأة شهوة وحرارة باعثة في الوطء، والمرأة إذا قضي الرجل وطره فترت شهوتها وانكسرت نفسها، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين؛ فتطابقت حكمة القدر والشرع والخلق والأمر والحمد للَّه (١).
ثم كيف أنتم الآن تقولون بعظم شهوتها؟ فإذا تكلمتم في الختان قلتم إن الختان يضعف شهوتها ويؤدي إلى البرود فنرجو منكم أن تكونوا في جهة واحدة، هل تريدون إشعال شهوتها بترك الختان لتكفي زوجًا واحدًا، أم تريدون إطفاء شهوتها بكثرة الأزواج؟
ولقد سخر بعض الكتاب من إثارة هذا السؤال فقال: أما عدم إباحة زواج المرأة بأكثر من رجل؛ فإني أحسب هذه من مسائل الهزل والمزح التي لا تثار في مسائل النقد العلمي، فهل عندكم في دينكم أو حتى مدنيتكم زوجة لعدد من الرجال؟
إن المرأة وعاء فهل يتسع إناء لضدين؟
لقد عرف زواج المرأة من عدة رجال في الشعوب البدائية، وما زال يوجد هذا النوع في جنوب الهند وعلى حدودها الشمالية، والحكومات الهندية تحاول إخضاع هذه القبائل لقوانينها العامة التي لا تبيح مثل هذا الزواج، وهذا الزواج كذلك موجود في جنوب أمريكا وأماكن أخرى تجمعها كلها البداوة وعدم التحضر، وقد كان هذا أحد أنواع الزواج التي أبطلها