١٠ - وأما صيام المسيح - عليه السلام - أربعين يومًا فلا يدل على ألوهيته؛ إذ إنه "جاع أخيرًا"(متى ٤/ ٢)، فلئن كان صومه وصبره يدل على ألوهيته، فإن جوعه يكذب هذه الدعوى، ويدل على بشريته.
١١ - ولموسى - عليه السلام - "أقمت في الجبل أربعين نهارا وأربعين ليلة لا آكل خبزا ولا أشرب ماء"(التثنية ٩/ ٩).
١٢ - وإيليا حين أكل ثم "سار بقوة تلك الأكلة أربعين نهارًا وأربعين ليلة إلى جبل الله"(الملوك ١٩/ ٧ - ٨).
١٣ - ولئن قال النصارى برفع المسيح للسماء وجلوسه عن يمين الله، فإن مثل ذلك حصل مع إيليا الذي رفع من غير أن يصلب أو أن يصفع أو أن يصاب بسوء. (انظر الملوك (٢) ٢/ ١١ - ١٢)، ومثله حصل مع أخنوخ. (انظر التكوين ٥/ ٢٤).
١٤ - وأما الجلوس عن يمين الله؛ فقد ألحقته الكنيسة بإنجيل مرقس (انظر مرقس ١٦/ ١٩)، ولا يمكن حمله على الحقيقة، بل غايته أن يقال: بأنه جلوس معنوي أي برفع مكانته، كما جاء في كلام ميخا "لقد رأيت الرب جالسا على كرسيه، وكل جند السماء وقوف عن يمينه ويساره"(الأيام (٢) ١٨/ ١٨). (١)
الوجه الثاني: جميع الأنبياء معترفون بأن المعجزة من الله تعالى ومنهم عيسى - عليه السلام -، وبهذا نعلم أن المعجزات هبة إلهية ليست من صنع المسيح - عليه السلام - في شيء وإليك هذا البيان.
الوجه الأول: ذكر القرآن وأكد صدور المعجزات العظيمة عن المسيح - عليه السلام -، وأخبر أنه يصنعها بتأييد من الله، فقال:{أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}[آل عمران: ٤٩].
(١) انظر مناظرة بين الإسلام والنصرانية (٢٦٩) وما بعدها والأناجيل الأربعة ورسائل بولس تنفي ألوهية المسيح (١٠٩) وما بعدها.