٤ - ولئن كان المسيح - عليه السلام - قد حول شجرة التين إلى يابس. (انظر متى ٢١/ ١٨ - ١٩)، فإن موسى - عليه السلام - حول العصا اليابسة إلى حية. (انظر الخروج ٧/ ٩)، وهو أعظم، إذ قد يدخل يبس الشجرة في قانون الطبيعة، لكن تحويل العصا إلى حية معجز بكل حال.
٥ - وأما الظلمة التي يدعي النصارى حصولها عند صلب المسيح، فهي ليست - بأي حال - بأكبر من الظلمة التي استمرت على أرض مصر ثلاثة أيام بسبب كفرهم بموسى، "فَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَكَانَ ظَلَامٌ دَامِسٌ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ"(الخروج ١٠/ ٢٢ - ٢٣).
٦ - وأيضًا فإن يشوع لما حارب الأموريين، وكادت ليلة السبت أن تدخل، ناجى ربه فقال:"أمام عيون إسرائيل: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر دوم على وادي أيلون، فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب ... فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل"(يشوع ١٠/ ١٢ - ١٣)، وهذا الذي حصل ليشوع لا يقتضي ألوهيته، وهو أعظم من غياب الشمس ثلاث ساعات، فإنها قد تغيب بالغيوم، وهو داخل في السنن المعهودة، أما توقف دوران الكرة الأرضية فهو أعظم من ذلك بكثير.
٧ - وأعظم منهما، ما صنعه النبي إشعيا، فقد أعاد الله بدعائه الشمس إلى الوراء، ليبرهن للملك حزقيا على صدق مواعيد الرب. (انظر: الملوك (٢) ٢٠/ ١٠ - ١١)، وقال عنه ابن سيراخ:"في أيامه رجعت الشمس إلى الوراء"(ابن سيراخ ٤٨/ ٢٣)، ورغم هذا كله فإن أحدًا لا يقول بألوهية النبي إشعيا.
٨ - ثم لئن كانت الطبيعة تطيع المسيح؛ فإن ذلك قد حصل مع الأنبياء أيضًا، فإيليا أطاعته النار حتى قال:"إن كنت أنا رجل الله فلتنزل نار من السماء تأكلك أنت والخمسين الذين لك، فنزلت نار الله من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له"(الملوك (٢) ١ - ٩/ ١١).
٩ - وكذا أطاع البحر إيليا "وأخذ إيليا رداءه، ولفه، وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك، فعبر كلاهما (أليشع وإيليا) في اليبس"(الملوك (٢) ٢/ ٧ - ٨)، وقد رأينا كيف