قَائِلِينَ:"يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنّنَا نَهْلِكُ! " ٢٦ فَقَال لهُمْ: "مَا بَالكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلي الإِيمَانِ؟ " ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُو عَظِيمٌ. ٢٧ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ:"أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ! "." (متى ٨/ ٢٣ - ٢٨)، فمن ذا الذي تطيعه الرياح والبحار، ولا يجدون - حسب فهمهم البسيط - من إجابة إلا أن يقولوا: إنه الله المسيح.
وكذا فإن المسيح صام أربعين يومًا لم يجع خلالها، وهو ما لا يطيقه بشر، فدل ذلك على أنه الله. (انظر متى ٤/ ١ - ٢). كما صعد المسيح إلى السماء، وجلس عن يمين الله. (مرقس ١٦/ ١٩)، وهو كما يرى النصارى منزل لم يصل إليه أحد من العالمين إلا المسيح بما له من خواص الألوهية.
ولكن أمثال هذه المعجزات بل وأعظم منها جرت على يدي غيره، ولم تقتض ألوهيتهم.
١ - فلئن كان المسيح - عليه السلام - قد حول الماء إلى خمر (انظر يوحنا ٢/ ٧ - ٩)، فإن موسى - عليه السلام - حول الماء إلى دم كما في سفر الخروج" تَأْخُذُ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ وَتَسْكُبُ عَلَى الْيَابِسَةِ، فَيَصِيرُ الماءُ الَّذِي تَأْخُذُهُ مِنَ النَّهْرِ دَمًا عَلَى الْيَابِسَةِ" (الخروج ٤/ ٩).
٢ - وأما اليشع فقد صنع أعظم من ذلك، إذ ملأ قدور العجوز الفارغة زيتًا، من غير أن يكون فيها شيء" فَقَال: "اذْهَبِي اسْتَعِيري لِنَفْسِكِ أَوْعِيَةً مِنْ خَارِجٍ، مِنْ عِنْدِ جَمِيعِ جِيرَانِكِ، أَوْعِيَةً فَارِغَةً. لَا تُقَلِّلي. ٤ ثُمَّ ادْخُلي وَأَغْلِقِي الْبَابَ عَلَى نَفْسِكِ وَعَلَى بَنِيكِ، وَصُبِّي فِي جَمِيعِ هذِهِ الأَوْعِيَةِ، وَمَا امْتَلأَ انْقُلِيهِ". ٥ فَذَهَبَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى بَنِيهَا. فَكَانُوا هُمْ يُقَدِّمُونَ لهَا الأَوْعِيَةَ وَهِيَ تَصُبُّ.٦ وَلمَّا امْتَلأَتِ الأَوْعِيَةُ قَالتْ لابْنِهَا:"قَدِّمْ لِي أَيْضًا وِعَاءً". فَقَال لهَا:"لَا يُوجَدُ بَعْدُ وِعَاءٌ". فَوَقَفَ الزَّيْتُ.٧ فَأَتَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَ اللهِ فَقَال:"اذْهَبِي بِيعِي الزَّيْتَ وَأَوْفِي دَيْنَكِ، وَعِيشِي أَنْتِ وَبَنُوكِ بِمَا بَقِيَ"." (الملوك (٢) ٤/ ٣ - ٧).
٣ - وإن طعم ببركة المسيح - عليه السلام - خمسمائة شخص من خمسة أرغفة (انظر متى ١٤/ ١٩ - ٢١)، فقد أطعم الله عز وجل بني إسرائيل - وهم زهاء ستمائة ألف - المن والسلوى أربعين سنة، وكل ذلك ببركة موسى - عليه السلام -. (انظر الخروج ١٦/ ٣٥ - ٣٦).