وأما هذا العلم فلا ينتهي إلا إلى جحد وتخمين وظنون لا تغنى من الحق شيئا وغاية أهله تقليد من لم يقم دليل على صدقه.
السابع: أنا إذا فرضنا أن رجلين سألا منجمين في وقت واحد في بلد واحد عن خصمين أيهما الظافر بصاحبه فههنا يكون الطالع مشتركًا بين كل واحد من ذينك الخصمين فإن دل ذلك الطالع على حال الغالب والمغلوب مع كونه مشتركًا بين الخصمين لزم كون كل منهما غالبًا لخصمه ومغلوبًا من جانبه وذلك محال.
الثامن: أنا نشاهد عالمًا كثيرًا يقتلون في ساعة واحدة في حرب وخلقًا يغرقون في ساعة واحدة مع القطع باختلاف طوالعهم واقتضائها عندكم أحوالا مختلفة ولو كان للطوالع تأثير في هذا لامتنع عند اختلافها الاشتراك في ذلك.
التاسع: أنا نرى الجيشين العظيمين والحزبين المتقابلين يقتتلان ويختصمان وقد أخذ طالع الوقت لكل منهما ومع هذا فالمنصور والغالب أحدهما مع أن الطالع واحد ولا ينفعكم في هذا جواب من انتصر لكم بأنه لا مانع من القول بخطأ الأخذ للطالع في الحساب والحكم فإنه لو أخذ لهما أي طالع كان لم يكن الغالب إلا أحدهما حتى لو كان الطالع قطعًا لا يتصور فيه الغلط لم يكن بد من كون أحدهما غالبا والآخر مغلوبا وهذا يبطل مذهب الأحكام بلا ريب.
العاشر: أن رجلًا لو جلس في دار لها بابان شرقي وغربي فسأل المنجم وقال من أيهما يقتضي الطالع خروجي فإذا قال له المنجم من الشرقي أمكنه تكذيبه والخروج من الغربي وبالعكس وكذلك السفر في يوم واحد وابتداء البناء وغيره في يوم يعينه له المنجم ويحكم باقتضاء الطالع له من غير تقدم عنه ولا تأخر فإنه يمكنه تكذيبه في ذلك أجمع.
[الحادي عشر:(الواقع يشهد)]
١ - من ذلك اتفاقهم عندما تم بناء بغداد سنة ست وأربعين ومائة أن طالعها يقضي بأنه لا يموت فيها خليفة وشاع ذلك حتى هنأ الشعراء به المنصور حتى قال بعض شعرائه:
يهنيك منها بلدة تقضي لنا ... أن الممات بها عليك حرام