لما قضت أحكام طالع وقتها ... أن لا يرى فيها يموت إمام
وأكد هذا الهذيان في نفوس العوام موت المنصور بطريق مكة ثم المهدي بما سبذان ثم الهادي بعسا باذ ثم الرشيد بطوس فلما قتل بها المأمون الأمين بشارع باب الأنبار انخرم الأصل الباطل الذي أصلوه وظهر الزور الذي لفقوه حتى رجع إلى الحق الأول فقال:
أن لا يرى فيها يموت أمام ... أن لا يرى فيها يموت أمام
قتل الأمين بها لعمري يقتضي ... تكذيبهم في سائر الحسبان
ثم مات ببغداد جماعة من الخلفاء مثل الواثق والمتوكل والمعتضد والمكتفي والناصر وغير هؤلاء.
٢ - ومن ذلك اتفاقهم في سنة ثلاث وعشرين في قصة عمورية أن المعتصم لما خرج لفتحها كانت عليه الدائرة وأن النصر لعدوه فرزقه الله التوفيق في مخالفتهم ففتح الله على يديه ما كان مغلقا وأصبح كذبهم وخرصهم بعد أن كان موهوما عند العامة محققا ففتح عمورية وما والاها من كل حصن وقلعة وكان ذلك من أعظم الفتوحات المعدودة وفي ذلك الفتح قام أبو تمام الطائي منشدًا له على رؤوس الأشهاد:
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
والعلم في شهب الأرماح لامعة ... بين الخميسين لا في السبعة الشهب
أين الرواية أم أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف منها ومن كذب
تخرصا وأحاديثا ملفقة ... ليست بنبع إذا عدت ولا غرب
عجائبا زعموا الأيام تجعله ... عنهن في صفر الأصفار أو رجب
وخوفوا الناس من دهياء مظلمة ... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
وصيروا الأبرج العليا مرتبة ما ... كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة ... ما دار في فلك منها وفي قطب
لو ثبتت قط أمرا قبل موقعه ... لم يخف ما حل بالأوثان والصلب