للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي: إن اللَّه خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب (١). فحكمته قد تكون ظاهرة وقد تكون غير ذلك، فالأمر له سبحانه، وأوامر اللَّه ونواهيه مشتملة على الحكم والمصالح، فإذا انتهت الحكمة والمصلحة من الخطاب الأول وصارت في غيره، أمر جل وعلا بترك الأول الذي زالت حكمته، والأخذ بالخطاب الجديد المشتمل على الحكمة الآن (٢).

والنسخ في الشريعة فيه كثير من الحِكَم ومنها:

[الرحمة والتخفيف على العباد]

قال الشافعي: وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وفرض فيهم فرائض أثبتها وأخرى نسخها رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه (٣).

فمن أمثلة التخفيف عن العباد كما ذكر الطبري: كالذي كان على المؤمنين من فرض قيام الليل، ثم نسخ ذلك فوضع عنهم، فكان ذلك خيرًا لهم في عاجلهم، لسقوط عبء ذلك وثقل حمله عنهم (٤).

ومثل نسخ وجوب مصابرة المسلم عشرة من الكفار المنصوص عليه في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (الأنفال: ٦٥)، بمصابرة المسلم اثنين من


(١) الرسالة (١٠٦).
(٢) معالم أصول الفقه للجيزاني (٢٦٣) بتصرف.
(٣) الرسالة (١٠٦).
(٤) تفسير الطبري ٢/ ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>