للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الله بْنُ سَلامٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قَالَ عَبْدُ الله فَرَأَيْتُ الرَّجلَ يَجْنَأُ عَلَى المُرْأَةِ يَقِيهَا الحجَارَة. (١)

خامسًا: ومن مناقبه أنه ثبت عَلَى الإِسْلامِ حَتى مات.

فعَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِى مَسْجِدِ المُدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ، فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ المُسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ. قَالَ وَالله مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ وَأَعْلاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلاهُ عُرْوَة فَقِيلَ لَهُ ارْقَهْ. قُلْتُ لا أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِي مِنْصفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلاهَا، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلامُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلامِ، وَتلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلامِ حَتَّى تَمُوتَ".

وفي رواية فقال له: تموت وأنت مستمسك بالعروة الوثقى، وعنه أنه مر يحمل حزمة حطب فقيل: أليس قد أغناك الله عن هذا؟ قال بلى، ولكن أردت أن أقمع الكبر (٢).

سادسًا: ورعه وزهده وكرمه.

فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَتَيْتُ المُدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ الله بْنَ سَلامٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ أَلا تَجِىءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتمَرًا، وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلا تَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ رِبًا (٣).


(١) البخاري (٣٦٣٥).
(٢) البخاري (٣٨١٣).
(٣) البخاري (٣٨١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>