تعالى- إياه عليهن بأن عاد ذلك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اختيارًا بعد أن كان قبل ذلك عليه واجبًا، فهذا أحسن ما وجدناه في تأويل هذين الحديثين، واللَّه نسأله التوفيق (١).
الوجه الرابع: ومنهم من قال: هي محكمة ولكن لما حظر عليهن أن يتزوجن بعد موته حظر عليه أن يتزوج غيرهن. وهو قول أبي أمامة بن سهل بن حنيف.
الوجه الخامس: ومنهم من قال: المعنى لا يحل لك النساء من بعد هذه الصفة يعني {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}. والمعنى: لا يحل لك النساء من بعد هذه الصفة؛ قول أبي رزين، وهو يروي عن أبي بن كعب؛ وهو اختيار محمد بن جرير.
الوجه السادس: ومنهم من قال: لا يحل لك النساء بعد المسلمات ولا تتزوج يهودية ولا نصرانية.
والمعني: لا يحل لك النساء من بعد المسلمات؛ قول مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، قال مجاهد: لئلا تكون كافرة أما للمؤمنين. هذا القول يبعد لأنه يقدره من بعد المسلمات ولم يجر للمسلمات ذكر.
الوجه السابع: ومنهم من قال: لا تبدل واحدة من أزواجك بيهودية ولا نصرانية. وهذا أبعد من ذلك؛ لأن نص القرآن:{وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}. وليس في القرآن ولا أن تبادل، وحكى ابن زيد عن العرب أنها كانت تبادل بأزواجها، يقول: أحدهم خذ زوجتي وأعطني زوجتك. وهذا غير معروف عند الناقلين لأفعال العرب.
والوجه الثامن: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قال اللَّه تعالى:{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}(الأحزاب: ٣٨) كان له أن يتزوج من النساء من شاء بغير عدد محظور كما كان للأنبياء قبله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا معناه: كان له حلال أن يتزوج من شاء من النساء ثم نسخ ذلك.