للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخ التلاوة والحكم معا، ونسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم (١).

القسم الأول: نسخ الحكم والتلاوة جميعًا:

وذلك مثل التحريم بعشر رضعات. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ. ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّىَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ. (٢)

[القسم الثاني: نسخ التلاوة دون الحكم.]

وذلك كنسخ آية الرجم، كما جاء في حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وفيه أنه قال: (إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ الله آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَالله مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ في كِتَابِ الله، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا الله، وَالرَّجْمُ في كِتَابِ الله حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَاف (٣).

وكذلك التحريم بخمس رضعات.

قال الزركشي: هنا سؤال وهو أن يقال ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم، وهلَّا أبقيت التلاوة، ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟ وأجاب صاحب الفنون فقال: إنما كان كذلك؛ ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق


(١) نواسخ القرآن (١١٠)، الفقيه والمتفقه (١/ ٢٤٨: ٢٤٥)، روضة الناظر (١/ ٢٣٠)، شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ٢٨٥)، البرهان في أصول الفقه (١/ ٢٥٦)، التمهيد لابن عبد البر (٤/ ٢٧٧: ٢٧٥)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٥٨: ٥٥٣)، الأحكام للآمدي (٣/ ١٢٨) وما بعدها، البرهان في علوم القرآن (٢/ ٤٠: ٣٥)، معالم أصول الفقه (٢٥٨)، مناهل العرفان (٢/ ١٧٩: ١٧٧).
(٢) صحيح مسلم (١٤٥٢) (وهن فيما يقرأ) معناه: أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدًا حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنًا متلوًا؛ لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى. شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ٢٨٦).
(٣) البخاري (٦٨٣٠)، مسلم (١٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>