ويحاربونه بكل ما أوتوا كما هو تاريخهم، وعليه فلا يستقيم الأمر إلا بإسلامهم أو بدفعهم الجزية، وهم صاغرون لا حكم لهم في الديار، ولذلك أمر سبحانه وتعالى بقتالهم حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد، وهم صاغرون: فقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} (التوبة: ٢٩).
[وقد حدد السياق من هذه الصفات القائمة]
أولًا: أنهم لا يؤمنون باللَّه ولا باليوم الآخر.
ثانيًا: أنهم لا يحرمون ما حرم اللَّه ورسوله.
ثالثًا: أنهم لا يدينون دين الحق.
ثم بين في الآيات التالية كيف أنهم لا يؤمنون باللَّه، ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم اللَّه ورسوله ولا يدينون دين الحق؛ وذلك بأنهم:
أولًا: قالت اليهود عزير ابن اللَّه، وقالت النصارى المسيح ابن اللَّه، وأن هذا القول يضاهي قول الذين كفروا من قبلهم من الوثنيين، فهم مثلهم في هذا الاعتقاد الذي لا يعد صاحبه مؤمنًا باللَّه ولا باليوم الآخر.
ثانيًا: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون اللَّه، والمسيح ابن مريم، وأن هذا مخالف لدين الحق، وهو الدينونة للَّه وحده بلا شركاء، فهم بهذا مشركون لا يدينون دين الحق.
ثالثًا: يريدون أن يطفئوا نور اللَّه بأفواههم، فهم محاربون لدين اللَّه، ولا يحارب دين اللَّه مؤمن باللَّه واليوم الآخر يدين دين الحق أبدًا.
رابعًا: يأكل كثير من أحبارهم ورهبانهم أموال الناس بالباطل، فهم إذن لا يحرمون ما حرم اللَّه، ورسوله (سواء كان المقصود برسوله رسولهم أو محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وهذه الصفات كلها كانت واقعة بالقياس إلى نصارى الشام والروم، كما أنها واقعة بالقياس إلى غيرهم منذ أن حرفت المجامع المقدسة دين المسيح عليه السلام، وقالت ببنوة