قال المعترض: يقول تعالى في سورة (مريم ٢٩: ٣٢): {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}
قالوا: هذا هو حديث المسيح في المهد كما صوره القرآن، غير أن الإمام الرازي اعترض على هذه الرواية القرآنية بقوله: اليهود والنصارى ينكرون أن عيسى تكلم في زمان الطفولة، واحتجوا عليه بأن هذا من الوقائع العجيبة التي تتوفر الدعاوى على نقلها، فلو وجدت لنقلت بالتواتر، ولو كان ذلك لعرفه النصارى، لا سيما وهم من أشد الناس غلوا فيه، حتى زعموا كونه إلهًا، ولا شك أن الكلام في الطفولة من المناقب العظيمة والفضائل التامة، فلما لم تعرفه النصارى، مع شدة الحب وكمال البحث عن أحواله علمنا أنه لم يوجد.
والرد على ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: أدلة إثبات الكلام لعيسى - عليه السلام - في المهد.]
الوجه الثاني: بيان الحكمة في كلام عيسى في المهد.
الوجه الثالث: الرد على من زعم أن عيسى لم يتكلم في المهد.
الوجه الرابع: بيان الحق في كلام الرازي.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: أدلة إثبات الكلام لعيسى - عليه السلام - في المهد.]