للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يستطع أفسس أن يضع حدًا لتلك الاختلافات والمنازعات القائمة بين المسيحيين، بل بالعكس زاد من حدتها، وسبب ذلك أن المجمع عقد قبل وصول يوحنا أسقف غنطاكية، وقبل وصول مندوبي بابا روما، مما أدى إلى حدوث شقاق بين هذه الكنائس واستمر إلى الآن، وبذلك يتبين لنا أن مجمع أفسس لم يكن شاملا لكل أطراف النزاع.

وفي هذا المجمع أيضًا أثبتت كنيسة الإسكندرية أنها رائدة الفكر التثليثي وهي المدافعة عنه والواقفة لكل من يخالفه بالمرصاد. (١)

[المجمع الرابع: مجمع خلقيدونية سنة ٤٥١ م]

[سبب انعقاده]

لم يحسم المجمع السابق الخلاف في مسألة اجتماع العنصر الإنساني والعنصر الإلهي في المسيح، فلم يقض على نحلة نسطورس قضاء مبرمًا، وإن كان قد نفاه وآذاه، بل نمت نحلته بعد ذلك في المشرق وذاعت في البلاد، ولم يقف الخلاف في ذلك عند نسطور وأتباعه، بل إن كنيسة الإسكندرية قد خرجت هي الأخرى برأي جديد عرضته على الملأ من الأساقفة وجمعوا له مجمعا قرروه فيه، وذلك الرأي أن للمسيح طبيعة واحدة اجتمع فيها الاهوت بالناسوت.

وانعقد لأجل هذا مجمع أفسس الثاني الذي تسميه الكنيسة الكاثوليكية "مجمع اللصوص". (٢)

[مجمع أفسس الثاني في أغسطس سنة ٤٤٩ م]

واجتمع في أفسس ما يقرب من مائة وخمسة وثلاثين أسقفا. . وبدأ المجمع أعماله برئاسة (ديسقورس) بطريرك الإسكندرية، "وأكد هذا المجمع على القول بالطبيعة الواحدة بعد التجسد، لذلك جاء في قراراته: كل من يقول بطبيعتين بعد التجسد فليكن محرومًا" (٣).

وهكذا تم في هذا المجمع لعن وحرمان كل من يقول بالطبيعيتن بعد التجسد، وكان


(١) انظر: تأثر المسيحية بالأديان الوضعية (٢٨٩).
(٢) محاضرات في النصرانية (١٥٦).
(٣) تاريخ الكنيسة القبطية (٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>