للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْرَهَةَ ذَلِكَ إلَى النّجَاشِيّ غَضِبَ رَجُلٌ مِنْ النّسَأَةِ أَحَدُ بَنِي فُقَيْمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ عَامِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاس مِنْ مُضَرَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَخَرَجَ الْكِنَانِيّ حَتّى أَتَى الْقُلّيْس فَقَعَدَ فِيهَا - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ يَعْنِي أَحْدَثَ فِيهَا -، ثُمّ خَرَجَ فَلَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبْرَهَةُ فَقَالَ مَنْ صَنَعَ هَذَا؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ الّذِي تَحُجّ الْعَرَبُ إلَيْهِ بِمَكّةَ لَمّا سَمِعَ قَوْلَك: "أَصْرِفُ إلَيْهَا حَجّ الْعَرَبِ" غَضِبَ فَجَاءَ فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ: أَنّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ بِأَهْلِ. فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ وَحَلَفَ لَيَسِيرَن إلَى الْبَيْتِ حَتّى يَهْدِمَهُ، ثُمّ أَمَرَ الْحَبَشَةَ فَتَهَيّأَتْ وَتجَهّزَتْ، ثُمّ سَارَ وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْفِيلِ وَسَمِعَتْ بِذَلِكَ الْعَرَبُ، فَأَعْظَمُوهُ وَفَظِعُوا بِهِ، وَرَأَوْا جِهَادَهُ حَقًّا عَلَيْهِمْ حِينَ سَمِعُوا بِأَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ بَيْتِ الله الْحَرَامِ. (١)

ثانيًا: الردود التفصيلية:

[المطلب الأول: حياة ورقة بن نوفل ومراحلها.]

الشبهات في هذا المطلب مآلها إلى الآتي:

١ - المدة الزمنية لحياة ورقة النصرانية: فعندهم أنه كان قسيسًا قبل ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يتفطن في من سيلد محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، ويستعد ورقة لتهيئة الظروف المواتية لإعداد محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يأتي إلى الدنيا.

٢ - ورقة كان ملازمًا لمحمد دائمًا في جميع مراحل حياته كما يلازم الظل الجسد.

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: ورقة لم يعرف النصرانية إلا متأخرًا فكيف يقال: كان قسيسًا قبل ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -

ورقة بن نوفل لم يكن قد تنصر قط في حياة عبد الله والد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فضلًا عن أن يكون قسًا وعالمًا نصرانيًا مستبحرًا في علوم ديانته. فإنه تنصر عندما ذهب للشام بعد ما كان في الحبشة، فعندما علم بقرب ظهور النبي الخاتم وهو بالشام ذهب إلى مكة مرة أخرى، فعند


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٤٣، الروض الأنف ١/ ١١٥، السيرة النبوية لابن كثير ١/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>