للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠] (١).

قال ابن عاشور: والمراد بأهله: عائلته إلَّا مَن حق عليه القول منهم، وكذلك المؤمنون من قومه، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٤٠)} [هود: ٤٠]، فالاقتصار على أهله هنا لقلة من آمن به من غيرهم.

٢ - أهل دينه: أو أُريد بالأهل أهل دينه كقوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عمران: ٦٨] (٢)

الوجه الثالث: القرآن بَيَّنَ عاقبة امرأة نوح - عَلَيْهِ السَّلَام -.

قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)} [التحريم: ١٠].

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: مَثَّل الله مثلًا للذين كفروا من الناس وسائر الخلق امرأة نوح وامرأة لوط، كانتا تحت عبدين من عبادنا، وهما نوح ولوط فخانتاهما. (٣)

قال ابن عاشور: فمعنى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ}، أن الله جعل حالة هاتين المرأتين عظة وتنبيهًا للذين كفروا؛ أي: ليُذكرهم بأن الله لا يصرفه عن وعيده صَارِف، فلا يحسبوا أن لهم شفعاء عند الله، ولا أن مكانهم من جوار بيتِه وعمارة مسجده وسقاية حجيجه تصرف غضب الله عنهم، فإن هم أقلعوا عن هذا الحسبان أقبلوا على التدبر في النجاة من وعيده بالنظر في دلائل دعوة القرآن وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان صارفٌ يصرف الله عن غضبه لكان أولى الأشياء بذلك مكانة هاتين المرأتين من زوجيهما رسولي رب العالمين (٤).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٠٠).
(٢) التحرير والتنوير (٣٥٧١).
(٣) تفسير الطبري (٢٨/ ١٦٩).
(٤) التحرير والتنوير (٢٨/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>