للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - شبهة: حول قوله تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ}.

[نص الشبهة]

قال تعالى في سورة (يونس: ٩٤): {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤)}.

والسؤال: هذا حال كل مسلم عندما يرى الاختلافات بين القرآن والكتاب المقدس ويتساءل أين الحقيقة؟ عليه حسب هذه الوصية أن يسأل الذين يقرءون الكتاب أي: أهل الكتاب؟ وهذه وصية لا تطاع عند المسلمين، وكررها أيضًا في (الأنبياء: ٧): {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧)}

ثم إذا كان الله يتكلم إلى نبي الإسلام، لماذا يعطيه كلامًا فيه شك؟ وإذا سأل أهل الكتاب وقالوا له الحقيقة المغايرة لما كتب في القرآن ماذا يفعل؟ !

والرد من وجوه:

[الوجه الأول]

ليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ولا السؤال أصلًا؛ فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط، بل ولا على إمكانه، كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} وقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (٤٢)} وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)}. (١)

وقد يتعلق الحكم بشرط ممتنع لبيان حكمه، وذلك كقوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨)} [الأنعام: ٨٨].

فأخبر أنهم لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون مع انتفاء الشرك عنهم؛ بل مع امتناعه لأنهم قد ماتوا، ولأن الأنبياء معصومون من الشرك، وكذلك قوله تعالى: {لَئِنْ


(١) أحكام أهل الذمة (١/ ٢٦)، تفسير البحر المحيط (٥/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>