ففي الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج (١٤/ ٢٨): (فَرَجَعَ الْمَاءُ وَغَطَّى مَرْكَبَاتِ وَفُرْسَانَ جَمِيعِ جَيْشِ فِرْعَوْنَ الَّذِي دَخَلَ وَرَاءَهُمْ فِي الْبَحْرِ. لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ وَلَا وَاحِدٌ) وفي الإصحاح الخامس عشر من نفس السفر: (تُغَطِّيهِمُ اللُّجَجُ. قَدْ هَبَطُوا فِي الأَعْمَاقِ كَحَجَرٍ).
وفي التوراة ما نصه:(ولا سبيل لنا هنا إلى الحكم بغرق فرعون، إذ لا دلالة عليا في هذا النبأ، ولا من قول المرنم)(مزمور ٥٣: ٧٨، ١١: ١٠٦)، وساق المفسرون أربع حجج على عدم غرقه، ومعنى قوله: إن قول المرنم لا يدل على غرقه هو أن داود - عليه السلام - في المزمور ٧٨ والمزمور ١٠٦ قال كلامًا عن فرعون لا يدل صراحةً على غرقه؛ ونص (٣: ٧٨) هو: (أما أعدائهم فغمرهم البحر)، ونص (١١: ١٠٦) هو: (وَغَطَّتِ الْمِيَاهُ مُضَايِقِيهِمْ. وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَبْقَ.).
هذا عن عدم غرق فرعون، أما عن غرقه ففي المزمور (١٥: ١٣٦): (ودفع فرعون قوته في بحر يوسف، لأبه إلى الأبد رحمته)، وفي ترجمة أخرى:(أغرق فرعون وجيشه في البحر الأحمر إلى الأبد رحمته)، ومفسروا الزبور - وهم أنفسهم الذين صرحوا بعدم غرق فرعون - كتبوا عن فرعون:(فإن هذا الأخير قد حاول جهد المستطاع أن يرجع الإسرائيليين إلى عبوديتهم، فما تم له ما أراد، بل اندحر شر اندحار).
فنحن نطالب المعترض أن يجيب أولًا عن هذا التناقض الموجود في كتابه الذي يؤمن به ثم يعترض على القرآن.