إن حماية المرأة من الوقوع في تلك المشكلات التي اتضح للقارئ مدى خطورتها، تقتضي أن تكون مطمئنة دائمًا إلى أن رزقها موفور من خلال حياة كريمة بوسعها أن تعيشها وتطمئن إليها، وذلك بمسئولية أبيها عنها طالما كانت في كنفه، ثم بمسئولية زوجها عنها إذا تحولت إلى الحياة الزوجية. . فإن هي رغبت مع ذلك في عمل من أعمال الكسب، لتوفير المال، أو بذل نشاط، فلسوف تجد السبل المشروعة إلى العمل مفتحة أمامها، دون أن تحملها الضرورة على ممارسة أعمال غير لائقة، أو أن تدفعها الحاجة إلى الغياب عن البيت، وترك مسئولياتها في تربية الأولاد ورعاية الزوج مهملة، كما هي الحال في المجتمعات الغربية (١).
[الوجه الخامس: ميراث المرأة في الكتاب المقدس.]
هذا موقف الإسلام رأيناه في القرآن والسنة. فما موقف كتب اليهود والنصارى في المقابل؟ هنا يمكننا أن نقول إن موقف النصارى ملخص في هذه الجملة من إنجيل متى ٥: ١٧ (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمّل.) وعليه فوجهة النصارى تابعة لوجهة اليهود ومستمدة من شرائع العهد القديم.
فلننظر إلى كتاب اليهود والنصارى المقدس لنتعرف على وجهة نظرهم في تلك المسألة كجزأ من نظرتهم إلى المرأة. فالمرأة في كتبهم لا ميراث لها ولا حق لها في أن ترث إلا في حالة واحدة: أن يكون لها أخوة ذكور. ولنقرأ هذا من سفر العدد: ٨ وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: أيُّمَا رَجُل مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ. ٩ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ابْنَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ. ١٠ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإخوَةِ أَبِيهِ. ١١ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ مِنْ عَشِيَرتهِ فَيَرِثُهُ".
فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء كما أمر الرب موسى * هكذا نرى أن كتابهم المقدس جعل الميراث كاملا للابن الذكر. . . فإن لم يكن للمتوفى ابن ذكر ففي هذه الحالة
(١) المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني (١٩٠).