للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الرابع: إن الأعمال المذكورة منها ما هو قلبي متعلق بعمل آخر بدني لا ينفك أحدهما عن الآخر.

الوجه الخامس: بيان المقصود بالحرف (ثم).

الوجه السادس: فقه السؤال والجواب، وبه نعرف لماذا وقع التغاير.

وإليك التفصيل،

[الوجه الأول: اختلاف أحوال السائلين.]

إن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين، بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة (١).

قال العلماء: اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال، واحتياج المخاطبين، وذكر ما لم يعلمه السائل والسامعون، وترك ما علموه (٢).

فمعلوم أن الناس ليسوا سواء في قدراتهم (العقلية والبدنية)، فهم متفاوتون من شخص لآخر، ولكل واحد منهم الجواب الذي يصلح له (فقدم في كل مقام ما يليق به أو بهم). (٣)

وهذا يدل على فصاحته وبلاغته -صلى الله عليه وسلم- حيث أنه يجيب السائل بما يفيده، وبما يصلح له، وبما يستطيعه وما يتناسب معه، ليكون ذلك تشريعًا لصحابته الكرام، وللأمة الإسلامية جميعها (٤).

[الوجه الثاني: اختلاق أفضلية العمل من وقت لآخر.]

ففي الحديث الأول: ذكر الإيمان ثم الجهاد ثم الحج ولم يذكر: "الصلاة على وقتها" فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال؛ لأنه الوسيلة إلي القيام بها -أي: الصلاة- والتمكن من أدائها، وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل. (٥)


(١) شرح مسلم للنووي ١/ ٣٥٤.
(٢) انظر عمدة القاري.
(٣) هذا مستنبط من كلام العلماء السابق ذكره.
(٤) فتح الباري ٢/ ١٣.
(٥) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>