للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ غَيْرُ أُولَئِكَ الْمَجْرُوحِينَ عِنْدَهُ؛ أَوْ قَدْ اتَّصَلَ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الْمُنْقَطِعَة وَقَدْ ضَبَطَ أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ الْحُفَّاظِ؛ أَوْ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ مِنْ الشَّوَاهِدِ وَالْمُتَابَعَاتِ مَا يُبَيِّنُ صِحَّتَهَا.

السبب الثالث: اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره، مع قطع النظر عن طريق آخر سواء كان الصواب معه أو مع غيره.

وقد شرح - رحمه الله - أسباب الخلاف كلها كما ذكر الأمثلة على ذلك. (١)

[الوجه الثاني: فوائد معرفة أول وآخر ما نزل من القرآن.]

قال الزرقاني: من فوائد الإلمام بأول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن فوائد، ومنها:

أولًا: تمييز الناسخ من المنسوخ فيما إذا وردت آيتان أو آيات على موضوع واحد، وكان الحكم في إحدى هذه الآيات يغاير الحكم في الأخرى.

ثانيًا: معرفة تاريخ التشريع الإسلامي، ومراقبة سيره التدريجي، والوصول من وراء ذلك إلى حكمة الإسلام وسياسته في أخذه الناس بالهوادة والرفق والبعد بهم عن غوائل الطفرة والعنف سواء في ذلك هدم ما مردوا عليه من باطل وبناء ما لم يحيطوا بعلمه من حق.

ثالثًا: هي إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم حتى عرف فيه أول ما نزل وآخر ما نزل، كما عرف مكيه ومدنيه وسفريه وحضريه إلى غير ذلك، ولا ريب أن هذا مظهر من مظاهر الثقة به ودليل على سلامته من التغيير والتبديل {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: ٦٤] (٢).

[الوجه الثالث: ذكر الأقوال فما أول ما نزل، وبيان الراجح منها.]

اختلف المسلمون في أول ما نزل من القرآن على أقوال:

القول الأول: أن أول ما نزل قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. . .}.

فعن عائشة قالت: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ


(١) رفع الملام عن الأئمة الأعلام (٨ - ٢٠).
(٢) مناهل العرفان ١/ ٧٧: ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>