للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الضلال أشاب مني المفرقا ... والعارضين ولم أكن متحققًا

عجبا لعزة في اختيار قطيعتي ... بعد الضلال فحبلها قد أخلقًا. (١)

الآية الثالثة: قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (يوسف: ٣).

قالوا: فهذه الآية تدل على أنه كان غافلًا عن الحق قبل البعئة ولم يكن إلا كقومه!

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: أن هذه الآية من أوضع الأدلة على أنه - صلى الله عليه وسلم - مرسل من عند الله لم يأت بكلام من عند نفسه.

قال الطبري: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: نحن نقص عليك يا محمد أحسن القصص بوحينا إليك هذا القرآن، فنخبرك فيه عن الأخبار الماضية، وأنباء الأمم السالفة، والكتب التي أنزلناها في العصور الخالية، وإن كنت من قبله لمن الغافلين، أي: وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك، لا تعلمه ولا شيئًا منه. (٢)

وقال الآلوسي: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ} أي: قبل إيحائنا إليك ذلك {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} عنه لم يخطر ببالك ولم يقرع سمعك، وهذا تعليل لكونه موحى كما ذكره بعض المحققين. (٣)

فلم يكن - صلى الله عليه وسلم - ينطق من تلقاء نفسه بل إنما كان ينطق بالوحي كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (النجم: ٣ - ٤) أي ما نطقه إلا وحي يوحى، وهذا مطابق لقول المسيح: إنه لا يتكلم من تلقاء نفسه، بل إنما يتكلم بما يوحى إليه، والله تعالى أمره أن يبلغ ما أنزل إليه، وضمن له العصمة في تبليغ رسالاته. (٤)


(١) مفاتيح الغيب للرازي ١٧/ ٨١: ٨٠، وانظر الشفاء للقاضي عياض (٢/ ١١٣). وراجع شبهة حول تفسير قوله تعالى: (ووجدك ضالًا فهدى) في هذه الموسوعة.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ١٤٧.
(٣) روح المعاني ١٢/ ١٧٦.
(٤) هداية الحيارى إلى أجوبة اليهود والنصارى ١/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>