والضلال هنا بمعنى الغفلة، كقوله جل ثناؤه:{لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}(طه: ٥٢) أي لا يغفل. وقال في حق نبيه:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}(يوسف: ٣).
وقال قوم: ضالًا لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام، عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما.
الرابع: وقال قوم: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} أي في قوم ضلال، فهداهم الله بك.
هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه، أي ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم. أو وجدك ضالًا عن الضالين منفردًا عنهم مجانبًا لدينهم، فكلما كان بعدك عنهم أشد كان ضلالهم أشد، فهداك إلى أن اختلطت بهم ودعوتهم إلى الدين المبين.
الخامس: وقيل: ووجدك ضالًا عن الهجرة، فهداك إليها. فقد كنت متحيرًا في يد قريش متمنيًا فراقهم، وكان لا يمكنك الخروج بدون إذنه تعالى، فلما أذن له، ووافقه الصديق عليه، وهداه إلى خيمة أم معبد، وكان ما كان من حديث سراقة، وظهور القوة في الدين كان ذلك المراد بقوله:{فَهَدَى}.
السادس: وقيل: {ضَالًّا} أي ناسيًا شأن الاستثناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك، كما قال تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا}(البقرة: ٢٨٢).
السابع: وقيل: ووجدك طالبًا للقبلة فهداك إليها، بيانه:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}(البقرة: ١٤٤). ويكون الضلال بمعنى الطلب؛ لأن الضال طالب.
الثامن: وقيل: ووجدك متحيرًا عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه، فيكون الضلال بمعنى التحير؛ لأن الضال متحير.
التاسع: وقيل: ووجدك ضائعًا في قومك، فهداك إليه، ويكون الضلال بمعنى الضياع.
العاشر: وقيل: ووجدك محبًا للهداية، فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى المحبة.
ومنه قوله تعالى:{قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}(يوسف: ٩٥) أي في محبتك.