وبعد موت سليمان انقسمت المملكة إلى مملكتين: جنوبية اسمها يهوذا، وقد بقي الملك فيها في بيت داود إلى نهايتها. وشمالية اسمها إسرائيل، وقد تنقل الملك فيها بين بيوتات مختلفة. (سفر الملوك الأول ١٢/ ٢١).
وحدث خلال ذلك أحداث عجيبة؛ فقد عكف معظم بني إسرائيل مع ملوكهم على عبادة الأصنام وترك أحكام التوراة مددا طويلة وأعصارًا متصلة، وكانت الأنبياء تتتابع عليهم ولكن هيهات، كفر مستمر وقتل للأنبياء.
[٨ - سقوط دولة إسرائيل]
كان الكفر والارتداد في مملكة إسرائيل أشد منه في مملكة يهوذا، ولذلك هاجر الكهنة ومن بقي معهم إلى مملكة يهوذا.
وسلط الله أعداء بني إسرائيل عليهم، ففي عام ٧٢١ ق. م أغار ملك آشور (شلمناصر) على عاصمة إسرائيل وحاصرها، ثم دكها دكًا، ثم جاء خليفته (سرجون) فأسر شعب إسرائيل، وأجلاهم عن بلادهم وفرقهم في مملكته، وأسكن بدلًا منهم وثنيين من بابل وغيرها، ولم يبق من اليهود إلا شرذمة قليلة اختلطت بالوثنيين، فتزاوجوا وتوالدوا.
فمنذ قيام دولة إسرائيل إلى أن محتها يد الأسر الآشوري، وأزالت شعبها من الوجود، لم يكن للأسباط الذين فيها غرض بالتوراة، وكان وجودها في تلك الدولة أندر من الكبريت الحمر.
[٩ - العثور على التوراة قبيل سقوط مملكة يهوذا]
جلس على حكم يهوذا بعد موت سليمان أكثر من عشرين ملكًا كان المرتدون منهم أكثر ممن يعترف بالدين، حتى غدا أهل المملكة وثنيين، ووضعت الأصنام حتى في البيت المقدس وبنيت لها المذابح، فضاعت التوراة وأصبحت نسيًا منسيًا (سفر الملوك الثاني ٢١، وسفر أخبار الأيام الثاني ٣٣).
وآل الأمر إلى الملك يوشيا بنآمون وكان فتى طيبًا، فتاب إلى الله واتجه إلى نشر الإيمان، فرمم الهيكل وأزال رسوم الكفر منه وبحث عن التوراة، ولكن دون جدوى، ومضى سبعة