للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجلوس المسيح على الجحش والأتان معًا لا يتصوره العقل.

وهو غلط وكذب أراد متى من خلاله أن يحقق نبوءة توراتية "فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: "قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ"." (متى ٢١/ ٤ - ٥).

[٣ - عجائب متى عند موت المصلوب]

ومما يرفضه العقل أيضًا ما حكاه متى من عجائب حصلت عند موت المسمح يقول: "وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ (١) قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا المَدِينَةَ المقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ." (متى ٢٧/ ٥١ - ٥٤).

والقصة من الغلط بل والكذب، إذ لم يعهد مثل هذه العودة للقديسين والراقدين، ولم يعهد أن عاد هؤلاء أو غيرهم من الموت.

قال (نورتن) الملقب بحامي الإنجيل: "هذه الحكاية كاذبة، والغالب أن أمثال هذه الحكايات كانت رائجة عند اليهود بعد ما صارت أورشليم خرابًا، فلعل أحدًا كتب في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى، وأدخلها الكاتب في المتن، وهذا المتن وقع في يد المترجم، فترجمها على حسبه".

ونقول ما قاله العلامة أبو زهرة: "لعل كثيرًا مما في المتن أصله في الحاشية ثم نقل خطأ في المتن"، فكيف يتسنى لنا بيان هذا الزائف وإخراجه من الكتاب؟ . (٢)

[٤ - ما هو السبب الصحيح للقبض على المسيح]

لقد حدث الاختلاف بين كتاب الأناجيل في السبب المباشر الذي من أجله تم القبض على المسيح (كما يزعمون! )


(١) الهيكل: كلمة سومرية معناها (البيت الكبير) وهو مكان عبادة إله، ويقوم مكان الكنيسة اليوم، ولكن اليهود لم يطلقوا اسم الهيكل إلا على مكان واحد كبير في القدس. انظر: قاموس الكتاب المقدس ص ١٠١٢.
(٢) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (١/ ٣١٣ - ٣١٦)، محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>