للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالحلَّاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الله فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي"، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهَا، فَقَالَ: "اللهمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ الله فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ"، قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ، فَقَالَ: "الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَا وَليُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" (١).

[المسألة الثانية: قولهم إنه ذهب لبيت زيد فلم يجده ووقعت عينه على امرأته فوقعت في قلبه، فهذا كلام من لم يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعرف قرابة زينب له من صغرها.]

والرد على ذلك من وجوه

[الوجه الأول: في بيان من هي زينب بنت جحش رضي الله عنها وهل كانت غريبة غائبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك؟]

اسمها ونسبها: قال أبو نعيم: زينب بنت جحش بن رئاب بن أسد بن خزيمة أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانت من المهاجرات، تزوجها بالمدينة بعد سنة ثلاث من الهجرة وهي أول نسائه لحوقًا به - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة عشرين من الهجرة، كانت قبله تحت زيد بن حارثة يعلّمها كتاب ربها وسنة نبيّها، وكانت من سادة النساء، دينًا وورعًا وجودًا ومعروفًا، - رضي الله عنه -، وحديثها في الكتب الستة، ثم زوّجها الله منه- أي من النبي - صلى الله عليه وسلم - من فوق سبع سموات بشهادة جبريل، وكانت أوّاهة كثيرة الخير والصدقة، وَصُولة لرحمها، بذولة لمالها، طويلة اليدين بالصدقة، تفتخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الله - عز وجل- زوّجها إياه، أولَم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليمة أشبع المسلمين فيها خبزًا ولحمًا، وفي شأنها ووليمتها نزلت آية الحجاب، كان عطاؤها الذي فرضها عمر لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اثني عشر ألفًا، فلما حمل إليها أول عطاء لعمر فرّقته في ذوي قرابتها وأيتامها، ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد هذا، فماتت وصلى عليها عمر بن الخطاب، ودخل قبرها أسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش، وعبد الله بن أبي أحمد (٢)، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله، وأول من صُنع لها نعشُ الجنازة، ودفنت بالبقيع (٣).


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٠٤)، وصححه الألباني في أحكام الجنائز صـ ٦٦.
(٢) هو ابن أخ السيدة زينب بنت جحش - رضي الله عنها -، انظر: تهذيب الكمال ١٤/ ٢٩٢.
(٣) معرفة الصحابة لأبي نعيم ترجمة زينب بنت جحش - رضي الله عنها - ٢٢/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>