للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو آخر ما يصل إليه الناس بعد الجهد والمران، هو المرتبة الدنيا للأفق الذي يعيش فيه الأنبياء، إذ يستحيل في حقهم أن يسقطوا دونه، وقد قرر علماء المسلمين أن العصمة واجبة لرسل الله كافةً، فلا يليق أن تصدر عن أحدهم كبيرة لا قبل البعثة ولا بعدها (١).

٤ - الشهادة لهم بأنهم قد بلغوا أممهم: قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣].

قال القرطبي: وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطًا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخْدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَال: قَال رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَال لأمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وأمَّتُهُ فتشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (٢).

٥ - الإيمان بالكتب المنزلة عليهم: إن معنى الإيمان بالكتب الإلهية الذي هو جزء من عقيدة المؤمن: التصديق الجازم بما أوحى الله تعالى من كلامه الخاص إلى من اصطفى من رسله عليهم السلام، فجمع ودون فكان صحفًا مطهرةً، وكتبًا قيمةً، فما عرف منها آمن به المؤمن تفضيلًا، وما لم يعرف آمن به إجمالًا، والمصدر الوحيد الذي يرجع إليه في معرفة الكتب الإلهية بالتفضيل هو القرآن الكريم وحده، إذ هو الكتاب المحفوظ حفظًا، لا يتطرق إليه معه الزيادة والنقص ولا التحريف ولا التغيير أو التبديل بحال من الأحوال.

قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}


(١) عقيدة المسلم (٢٠٧).
(٢) البخاري (٣٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>