للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن يكون المعنى ظاهرًا معلومًا.

فالذين أجازوها، على أنها رخصة تقدر بقدر الحاجة إليها، لا على أنها أصل يتبع ويلتزم في الرواية (١).

[الوجه الرابع: الرواية بالمعنى تمنع باتفاق في الأحاديث المتعبد بلفظها كالأذكار.]

كما اتفقوا على أن الراوي الثقة العالم باللغة العارف بما تحيله الألفاظ، ليس له أن يروي الحديث المتعبد بلفظه: (كألفاظ التشهد، والأذان ونحوها) وإن كان بمعناه قطعًا.

قلت: وإنما جازت رواية الحديث بمعناها؛ لأنه غير متعبد بألفاظه، وإنما بمعناه شرعًا؛ ولجواز شرح الشريعة للأعاجم، وترجمتها لهم، وإن كان الأصل روايته باللفظ، إذ هو عبارة أفصح الخلق الذي أوتي جوامع الكلم، فإن فات الراوي اللفظ، وأصاب المعنى؛ جاز؛ أداءً للحكم الشرعي، ونصحًا للأمة.

وهذا إنما جاز في عصر الرواية قبل تدوين الكتب والمصنفات، وأما بعد تدوينها؛ فلا يجوز إلا على سبيل الوعظ والتذكير، فأما إيراده على سبيل الاحتجاج والرواية في المؤلفات؛ فلا يجوز إلا باللفظ، كما مر في كلام ابن الملقن وغيره من أهل العلم.

فيشترط أن يكون مشتغلًا بالعلم، ناقدًا لوجوه تصرف الألفاظ، والعلم بمعانيها ومقاصدها جامعًا لمواد المعرفة بذلك. (٢)

ويدل على ذلك: حديث البراء بن عازب في تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- له دعاء النوم.

[الوجه الخامس: الرواية بالمعنى على أنواع.]

والرواية بالمعنى لها صور مختلفة نذكرها -وإن كانت قليلة نادرة- وهذه الصور هي:

١ - إبدال لفظ من ألفاظ الحديث بغيره، يؤدي المعنى التام.

٢ - تقديم بعض ألفاظ الحديث على بعض.


(١) دفاع عن السنة (٧٣، ٧٤).
(٢) الإلماع (١/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>